السبت 21 / جمادى الأولى / 1446 - 23 / نوفمبر 2024
[13] من قوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ} الآية 40 إلى قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} الآية 44
تاريخ النشر: ٢١ / محرّم / ١٤٢٩
التحميل: 2271
مرات الإستماع: 2156

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:

أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا [سورة الإسراء:40].

يقول تعالى راداً على المشركين الكاذبين الزاعمين -عليهم لعائن الله- أن الملائكة بنات الله، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، ثم ادعوا أنهم بنات الله، ثم عبدوهم فأخطئوا في كل من المقامات الثلاث خطأ عظيماً، فقال تعالى منكراً عليهم: أَفَأَصْفَاكُمْ رَبّكُم بِالْبَنِينَ أي: خصصكم بالذكور وَاتّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً أي: واختار لنفسه على زعمكم البنات، ثم شدد الإنكار عليهم فقال: إنكم لتقولون قولاً عظيماً أي: في زعمكم أن لله ولداً، ثم جعْلِكم ولده الإناث التي تأنفون أن يكنّ لكم، وربما قتلتموهن بالوأد، فتلك إذاً قسمة ضيزى.

وقال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ۝ لقد جئتم شيئاً إدّاً ۝ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ۝ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ۝ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ۝ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ۝ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ۝ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً [سورة مريم:88-95].

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فيقول الله -تبارك وتعالى: أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا، الهمزة للاستفهام الإنكاري، والمقصود أن الله تعالى ينكر عليهم زعمهم وافتراءهم بأنه -تبارك وتعالى- أعطاهم، أو أن الملائكة بنات الله، أَفَأَصْفَاكُمْ أي: خصكم بِالْبَنِينَ، ومعلوم أن الملوك إنما يصطفون لأنفسهم أفضل ما يوجد دون الأضعف والأقل، فإذا كنتم تحتقرون البنات وتئدونهن، كما يقول الله عنكم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ۝ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ [سورة النحل:58، 59]، فكيف تنسبون ذلك لله وهو مالك الملك، كيف خصكم بالأبناء الذين هم أشرف وأعظم، واتخذ الأضعف والأقل؟ هذا لا يكون، فهذا يدل على سوء نظرهم وضعف عقولهم.

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا [سورة الإسراء:41].

يقول تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ [سورة الإسراء:89] أي: صرفنا فيه من الوعيد؛ لعلهم يذكرون ما فيه من الحجج والبينات والمواعظ، فينزجروا عما هم فيه من الشرك والظلم والإفك، وَمَا يَزِيدُهُمْ أي: الظالمين منهم إِلاّ نُفُوراً أي: عن الحق وبعداً منه.

قوله : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ التصريف في الأصل هو صرف الشيء من جهة إلى جهة، أو المغايرة، أي غايرَ في هذا القرآن بين المواعظ، وجاء بها على صروف وضروب متنوعة، من أجل أن يتعظوا ويعتبروا، ولكنّ الكثيرين لم يزدهم هذا إلا إعراضاً ونفوراً وتباعداً.

وعلى كل حال الله -تبارك وتعالى- كما قال الحافظ ابن كثير: ”صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يذكرون ما فيه من الحجج والبينات“، وتارة يأتي بأخبار المكذبين، وما حصل لهم من النقم والمَثُلات، وتارة يأتي بما يدل على عظمته وقوته وجبروته، وتارة يأتي فيه بما يدل على عظم جزائه في الآخرة، في الجنة أو النار.

قُلْ لّوْ كَانَ مَعَهُ آلهة كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ۝ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا [سورة الإسراء:42، 43].

يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكاً من خلقه، العابدين معه غيره، ليقربهم إليه زلفى: لو كان الأمر كما تقولون، وأن معه آلهة تعبد لتقرّب إليه وتشفع لديه، لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون وساطة بينكم وبينه، فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه، بل يكرهه ويأباه، وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه، ثم نزه نفسه الكريمة وقدّسها فقال: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ أي: هؤلاء المشركون المعتدون الظالمون في زعمهم أن معه آلهة أخرى، عُلُوّاً كَبِيراً أي: تعالياً كبيراً، بل هو الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.  

هذه الآية مشهورة عند أهل الكلام في الاعتقاد يذكرونها في دلائل الربوبية، ويسمونها: دليل التمانع في الربوبية، ورد عليهم بعض أهل العلم، تجدون هذا في كلام شيخ الإسلام وفي كلام ابن القيم، وما ضمن من كلامهما في شرح العقيدة الطحاوية، وذلك أن هذه الآية ذكر الله فيها الآلهة قال: قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ وما قال: ”أرباب“، إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً، فيرون أن هذه الآية يمكن أن تكون دليلاً على التمانع في الإلهية وليس الربوبية، وأن الأقرب في التمانع في الربوبية قوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ [سورة المؤمنون:91].

فالمقصود أن هذه الآية: قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً، وأيضاً لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [سورة الأنبياء:22]، وهذه الآية فيها للعلماء قولان مشهوران، ذكر الأول منهما الحافظ ابن كثير -رحمه الله، يقول: ”لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه، ويبتغون إليه الوسيلة والقربة، فاعبدوه أنتم“، يقول: لو كان معه آلهة كما يقولون فإنهم سيكونون دونه في المرتبة وسيكون حالهم التقرب إليه، وطلب الزلفى لديه ، فهو العظيم الأعظم -جل شأنه، فينبغي عليكم أن تعبدوه وتفردوه بالعبادة وتوحدوه، وهذا المعنى هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الآية وتلميذه ابن القيم، وكذلك أيضاً كبير المفسرين ابن جرير -رحمه الله.

والمعنى الثاني في الآية وهو أيضاً محتمل، بل لربما يكون أكثر احتمالاً أخذاً من ظاهر القرآن، وهو أن المقصود إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً أي: سبيلاً إلى مغالبته، وليس سبيلاً إلى عبادته، وهذا هو المتبادر، ويدل عليه ظاهر قوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

ومن أهل العلم من يقول: كل واحد من هذه المعاني يوجد ما يشهد له وهو معنىً صحيح تحتمله الآية فتحمل على المعنيين، وهذا الذي ذهب إليه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله.

يقول: لّوْ كَانَ مَعَهُ آلهة كَمَا يَقُولُونَ هذه قراءة ابن كثير وحفص، وقرأ الباقون ”كما تقولون“، يعني: أيها المشركون.

وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: ”قُلْ لّوْ كَانَ مَعَهُ آلهة كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً فقيل: لابتغوا السبيل إليه بالمغالبة، والقهر كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض، ويدل عليه قوله في الآية الأخرى: وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قال شيخنا : والصحيح أن المعنى لابتغوا إليه سبيلاً بالتقرب إليه وطاعته، فكيف تعبدونهم من دونه وهم لو كانوا آلهة كما يقولون لكانوا عبيداً له؟ قال: ويدل على هذا وجوه:

منها قوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ أي: هؤلاء الذين يعبدونهم من دوني هم عبادي كما أنتم عبادي ترجون رحمتي وتخافون عذابي، فلماذا تعبدونهم من دوني؟

الثاني: أنه سبحانه لم يقل لابتغوا عليه سبيلاً، بل قال: لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً وهذا اللفظ إنما يستعمل في القرب كقوله تعالى: اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ [سورة المائدة:35]، وأما في المغالبة فإنه يستعمل بعلى كقوله: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [سورة النساء:34].

الثالث: إنهم لم يقولوا: إن آلهتهم تغالبه وتطلب العلو عليه، وهو سبحانه قال: قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ وهم إنما كانوا يقولون: إن آلهتهم تبتغي التقرب إليه وتقربهم زلفى إليه فقال: لو كان الأمر كما تقولون لكانت تلك الآلهة عبيداً له فلماذا تعبدون عبيده من دونه؟“[1].

وقال -رحمه الله تعالى: ”وكذلك قوله سبحانه مقرراً لبرهان التوحيد أحسن تقرير وأوجزه وأبلغه: قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً، فإن الآلهة التي كانوا يثبتونها معه سبحانه كانوا يعترفون بأنها عبيده ومماليكه ومحتاجة إليه، فلو كانوا آلهة كما يقولون لعبدوه وتقربوا إليه وحده دون غيره، فكيف يعبدونهم من دونه؟ وقد أفصح سبحانه بهذا بعينه في قوله: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [سورة الإسراء:57] أي: هؤلاء الذين يعبدونهم من دوني هم عبيدي، كما أنتم عبيدي، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، كما ترجون أنتم رحمتي وتخافون عذابي، فلماذا تعبدونهم من دوني؟[2].

تُسَبّحُ لَهُ السّمَاوَاتُ السّبْعُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنّ وَإِن مّن شَيْءٍ إِلاّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً [سورة الإسراء:44].

يقول تعالى: تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن، أي من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته:

ففي كل شيءٍ له آيةٌ تدل على أنه واحد

كما قال تعالى: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ۝ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً [سورة مريم:90، 91].

هذا البيت:

ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد

هذا البيت يورده من يقول بأن التسبيح بلسان الحال، فهي شاهدة على وحدانيته وربوبيته وإلهيته ، والتسبيح على ظاهره، وجاء بلفظة “مَن“ التي عادة تستعمل فيما من شأنه أن يُوصف بالعلم، وعموم الظاهر في الآية مع قوله: وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ يدل على أن كل شيء يسبح، كما في الآيات الأخرى سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ [سورة الحديد:1]، يُسَبِّحُ لِلَّهِ [سورة الجمعة:1]، فكل ما في هذا الكون يسبح من العقلاء وغير العقلاء، ولا يُخص ذلك بما له نفس وروح، حتى النبات والأحجار لحديث حنين الجذع[3]، وكذلك ما جاء عن النبي ﷺ: إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن[4]، وتسبيح الحصى، إلى غير ذلك،.

وقوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله، وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغاتكم، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات، وهذا أشهر القولين، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل[5].

وروى الإمام أحمد عن معاذ بن أنس عن رسول الله ﷺ أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم: اركبوها سالمة، ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكراً لله منه[6].

وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو -ا- قال: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الضفدع[7].

نهى عن قتلها لأن نقيقها تسبيح.

وقوله: إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا أي: إنه لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، بل يؤجله ويُنظره فإن استمر على كفره وعناده أخذه أخذ عزيز مقتدر، كما جاء في الصحيحين: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ رسول الله ﷺ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ [سورة هود:102] الآية[8]. وقال تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ [سورة الحج:48] الآية، وقال: فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ [سورة الحج:45] الآيتين.

ومن أقلع عما هو فيه من كفر أو عصيان، ورجع إلى الله وتاب إليه تاب عليه، كما قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ [سورة النساء:110] الآية، وقال ههنا: إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا، كما قال في آخر فاطر: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [سورة فاطر:41]، إلى أن قال: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ... [سورة فاطر:45] إلى آخر السورة.

  1. بدائع التفسير (2/137-138)، وانظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، للإمام ابن القيم (144).
  2. انظر: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (2/462).
  3. رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3390). 
  4. رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، برقم (2277).
  5. رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3386). 
  6. رواه أحمد في المسند (24/392)، برقم (15629)، وقال محققوه: حديث حسن.
  7. رواه الإمام أحمد في المسند (25/36)، برقم (15757)، وقال محققوه: إسناده صحيح، والطبراني في المعجم الكبير، (4/104) برقم (3716)، ورواه أبو داود عن عبد الرحمن بن عثمان : "أن طبيباً سأل النبي ﷺ عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه النبي ﷺ عن قتلها"، كتاب الأدب، باب في قتل الضفدع، برقم (5269)، ورواه النسائي بلفظ أبي داود، كتاب الصيد والذبائح، باب الضفدع، برقم (4355)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6971). 
  8. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ، برقم (4409)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2583).

مواد ذات صلة