الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلما عجب الله -تبارك وتعالى- من حال أهل الكتاب كيف يبتغون دينًا سوى دين الله الإسلام الذي ارتضاه لعباده، وبين أن من ابتغى غيره فلن يُقبل منه، قال الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك: كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين [آل عمران:86]، فهؤلاء الذين استحبوا الكفر بعد معرفة واستبانة للحق، وشهادة بأن ما جاء به الرسول ﷺ الحق، وجاءتهم الآيات البينات التي توضح حقّية ما جاء به ﷺ بما لا يدع الشك، ثم بعد ذلك يستحبون الكفر على الإيمان فمثل هؤلاء لا يهديهم الله -تبارك وتعالى-؛ لأن الله لا يهدي القوم الظالمين فهؤلاء ظالمون.
كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، أي: كيف يوفق للإيمان والهدى؛ لأن هداية الإرشاد متحققة، فالله -تبارك وتعالى- يُبين الحق للناس، والقرآن هدى؛ لكنه لا ينتفع به إلا أهل التقوى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين [البقرة:2]، هو هدى لجميع الناس، لكن لما كان الذي يهتدي هم أهل التقوى خصهم بذلك، فالمقصود بالهداية هنا هداية التوفيق، هداية القلوب إلى الإيمان في آية آل عمران هذه: كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ، وهذا الاستفهام يتضمن معنى الإنكار، يعني: أن ذلك لا يكون بحال من الأحوال، وذلك أنهم كفروا بعد إيمانهم فهذا قد يكون في خصوص المنافقين من أهل الكتاب الذين أظهروا الإيمان ثم كفروا، كما قال الله -تبارك وتعالى-: وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون [آل عمران:72]، يعني: بمقتضى هذا الذي أظهروه كفروا بعد إيمانهم.
ويحتمل أن يكون المقصود بذلك أنهم أقروا في بعض الأوقات أن هذا هو الرسول الحق ثم بعد ذلك كفروا، وقد يكون ذلك قبل مبعثه ﷺ كانوا يعرفون صفته، ويؤمنون بمجيئه، ويتوعدون الأوس والخزرج أنه قد قرُب مبعثه وأنهم سيقتلونهم معه قتل عاد وإرم، فلما بُعث: فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ [البقرة:89]، وهذه الآية: كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، لا تختص بأهل الكتاب وإن كان السياق في أهل الكتاب، لكن يدخل في ذلك كل من كفر بعد إيمانه وانطبقت عليه هذه الأوصاف: وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ، أنه جاء بالدين الصحيح وأنه قد أُرسل من قِبل الله -تبارك وتعالى-.
وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ، الحُجج الواضحات والدلائل الباهرات التي تدل على صدقه بما لا يدع مجالاً للشك أو التردد، فمثل هذا الكفر هو كفر عناد من بلغ هذه الغاية في المعرفة ثم بعد ذلك كفر، فمعنى ذلك أنه لا يريد الحق ولا يطلبه وإنما يُصر على باطله فالله -تبارك وتعالى- لا يوفقه؛ لأن الله لا يهدي القوم الظالمين، فمن أعظم الظلم أن يُعرض الإنسان عن دلائل الحق وعن الحق الذي عرفه فهو ظالم.
يؤخذ من هذه الآية من الهدايات: كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، هذا يدل على عِظم هذا الصنيع، وأنه شنيع وأنه فعل في غاية القُبح والإجرام: كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، لأن هذا الكفر حصل بعد الإيمان والشهادة بكون الرسول ﷺ حق ومجيء البينات، يعني: ثلاثة أمور متضافرة ومع ذلك يحصل هذا الكفر، فكفر من كان بهذه المثابة أشد وإن كان الكفر يتفاوت، فليس كفر الجاهل ككفر العالم الذي عرف الحق فأعرض عنه حسدًا أو غير ذلك من الأسباب طمعًا في دنيا، أو طمعًا في جاهٍ ومنزلة أو أتباع، أو غير ذلك.
كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، ولذلك كان جزاء المرتد شرعًا هو القتل من بدل دينه فاقتلوه[1]؛ لأنه عرف الحق من الداخل، وتبين له الحق وذاقه، ثم بعد ذلك يتراجع فهذا يُقتل، بينما الكافر الأصلي قد يكون معاهدًا، قد يكون مستأمنًا، قد يكون ذميًّا، قد يكون صاحب أمان أعطاه أحد من المسلمين الأمان أو نحو ذلك فلا يجوز قتله بحال من الأحوال، إنما يُقتل الحربي الذي لا أمان له ولا عهد ولا ذمة، فصار هذا المرتد أعظم كفرًا وأشد وأسوء حالاً من الكافر الأصلي، من بدل دينه فاقتلوه، وذلك أن الجزاء من جنس العمل، فهؤلاء ارتكبوا هذه الأمور الثلاثة: أنهم كفروا بعد إيمانهم، شهدوا أن الرسول حق، وجاءهم البينات، فهنا كان عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فالجزاء من جنس العمل.
وهذا يدل على أن الجناية التي تحصل من العالم ليست كالجناية التي تحصل من غيره، وإن كان حدود الله يجب أن تُحفظ وتُصان، وأن يتقي العالم والجاهل ربه، ولكن من عرف ليس كمن لم يعرف، ولذلك ذمَّ الله أحبار اليهود غاية الذم؛ لأنهم أهل علم، فوقع منهم ما وقع من أنواع الكفر والمحادة لله ورسله -عليهم الصلاة والسلام- على علم منهم.
وكذلك أيضًا فإن من ضل عن بصيرة فإنه قد يُحال بينه وبين الهدى، والفرصة لا تطرق الباب مرتين، فالله -تبارك وتعالى- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ، وانظر إلى الوعيد المُبطن في الجملة التي بعدها: وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24]، قال ابن جرير -رحمه الله-: "يحول بينه وبين الإيمان"[2]، يُريد أن يؤمن فلا يستطيع، وقد يحول بينه وبين التوبة فيريد أن يتوب فلا يستطيع، وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:24-25]، الاستجابة المُباشرة لله -تبارك وتعالى- إذا دعا عباده إلى حق وخير وهدى ينبغي أن تتحقق؛ لأن الإنسان لا يملك قلبه فقد لا يتمكن من ذلك بعدها، يُحال بينه وبين الهدى، والله -تبارك وتعالى- كما في سورة الأنعام: وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ [الأنعام:111]، يعني تنزل الملائكة وكلمهم الموتى يقومون من القبور يتكلمون يقولون: هذا حق، حشرنا عليهم كل شيء قُبُلا، كل الدلائل والبراهين والآيات تشهد بأن هذا حق، ما كانوا ليؤمنوا؛ بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ [الأعراف:101]، فالباء على الراجح أنها سببية، بسبب تكذيبهم الأول صار لهم مثل هذا الحرمان: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ [يونس:74]، فالتكذيب الأول كان سببًا للحرمان بآخر الأمر ونهاية الحال -نسأل الله العافية-.
فهذا يوجب الحذر أن الإنسان لا يؤجل، التوبة، وإذا سمعت قال الله قال رسوله فأرعِ ذلك سمعك وقلبك، وأقبل عليه وانقاد له مباشرة ولا تسوف، ولا تبحث عن المخارج والأعذار التي لا تورث خيرًا بحال من الأحوال، إذا دعا الله عبده ينبغي أن يُلبي الدعاء، وينبغي أن نُدرك أن من هذا الدعاء "الله أكبر، حي على الفلاح"، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24]، يدخل فيه عموم الدعوة "حي على الفلاح" لا تتأخر، لا تقل: انتظر الوقت أحتاج استفيد أنام قليلاً، أعبث قليلاً، لا، مباشرة دع ما في يدك وأقبل يُقبل ربك عليك، ويفتح عليك من ألوان البركات والخيرات والهدايات والتثبيت في أوقات يموج فيها الناس في الفتن، والأمور المُضلة المُدلهمة فيبقى الإنسان على جادة واضحة، يثبت ثبات الجبال الراسيات، فيحتاج أن نُقبل على الله ، ولا تتخير تقول: هذا قليل، أو هذا يسير، أو هذا غير مهم، لا، كل ما شرعه الله فهو مُهم، الله لا يُشرع لعباده إلا ما كان فيه المصالح العِظام سواء أدرك الإنسان هذا أو لم يُدرك، إذا كانت أشياء يسيرة انظروا ما يترتب عليها، لتقيمن صفوفكم أو ليُخالفن الله بين قلوبكم[3]، تسوية الصفوف، فالقضية قد يتساهل فيها الإنسان تسوية الصفوف لكن انظر إلى الأثر المترتب عليها، وقل مثل ذلك في مزاولات أخرى، بنوا إسرائيل أول ما دخل النقص عليهم كما في حديث معاوية لما أخذ خصلة من شعر على المنبر[4]، يعني وصل الشعر.
قد يقول الإنسان: هذه قضية يسيرة وصل الشعر، فهذا قد يترتب عليه من الآثار ما يكون سببًا لكثير من الشرور، فنأخذ شرع الله -تبارك وتعالى- بجملته من غير تفريق ولا تخير ولا تذوق، وإنما نحن عبيد لله شرع لنا ما فيه صلاحنا وفلاحنا وكمالنا.
وهكذا يؤخذ من هذه الآية أن من قامت عليه الحُجج والبراهين الدالة على صدق ما جاء به النبي ﷺ واتضح له الأمر ثم انتكس فإن هذا يكون في أسوء الأوصاف والأحوال كما قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-[5]، هؤلاء لا يوفقون للهداية؛ لأن الذي يُرجى له أن يهتدي هو الذي لم يعرف الحق، وهو يتشوف إلى معرفته يتطلع إليه، يبحث عنه، فهذا حري أن تُيسر له أسباب الهدى، وأن يُصان من أسباب الغي، كما يقول الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي -رحمه الله-[6].
كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، لما بين أن الدين عند الله الإسلام وهؤلاء يبحثون عن شيء آخر، فكيف يصير هؤلاء إلى هداية مع هذه الحال التي تلبسوا بها، فالله -تبارك وتعالى- يُنكر ذلك بهذه الصيغة الواضحة الصريحة فاستبعد هدايتهم وهو الذي يملك الهدى ، أنكر أن يصير هؤلاء إلى هدى وإلى خير وإلى فلاح؛ لأنهم أعرضوا عنه بعدما عرفوه، فهذا يُشبه التأكيد لقوله -تبارك وتعالى- قبل ذلك: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، فهذا الذي يبتغي يبحث هنا وهناك كيف يُهدى إلى الحق وهو قد أعرض ونأى عن الحق؟! وما عرف من دلائله!.
وقوله: وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين [آل عمران:86]، هذا كغيره من المواضع التي يذكر الله -تبارك وتعالى- فيها خاصًا ثم يأتي بالحكم العام، ذكر الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي -رحمه الله-[7] قاعدة في كتابه "القواعد الحِسان" مفادها: أن الله -تبارك وتعالى- قد يذكر قضية خاصة ثم بعد ذلك يأتي بالحكم العام؛ ليعُم هؤلاء وغيرهم ممن كان مُتلبسًا بهذا العمل، فهنا: كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي، لم يقل: والله لا يهدي من كفروا بعد أن شهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات، لا، قال: وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين، فجاء بالحكم العام؛ ليشمل من كانوا بهذه الصفة وغيرهم من الظالمين من المتلبسين بالظلم، والمقصود بذلك الظلم الذي هو الكفر: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم [لقمان:13].
وهنا قد يرد سؤال وهو: أن كثيرًا من الكفار يهديهم الله فكيف قال: وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين؟
محمل ذلك -والله تعالى أعلم- هو أنه لا يهدي المصرين على ظلمهم، الذين يصرون على الظلم لا يهديهم الله ولا يوفقهم للهدى، فالمقصود أن هذا التذييل والحكم العام: وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين، يشمل هؤلاء الذين ارتدوا بعد العلم ويشمل غيرهم من الكفار الأصليين الذين يصرون على كفرهم، وإن لم يكونوا قد دخلوا في الإيمان ثم رجعوا عنه، فهذا في القرآن كثير له نظائر كما هو معلوم، وهذا يدل على أن الكافر ظالم بل ذلك أعظم الظلم، أن تُجعل العبادة في غير من خلق، أن يُصرف الشكر لغير المُنعم المُتفضل، الله هو الذي حبانا بالنِعم الظاهرة والباطنة: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ [النحل:53]، نعمة هنا نكرة في سياق النفي، وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ، فهذا يعُم جميع النِعم، وسُبقت بــ"من" لتدل على التنصيص في العموم أي نعمة كبيرة أو صغيرة، نكرة في سياق الشرط والنكرة في سياق الشرط أو النفي أو النهي أو الاستفهام كل ذلك يفيد العموم، وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ [النحل:53]، كل النعم من الله ثم يُصرف الشكر لغيره حجر! أو شجر! أو قبر! أو غير ذلك: تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض[8]، فإنما يتوجه بالعبادة لله رب العالمين، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، برقم (6922)
- تفسير الطبري (11/107).
- أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (662)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1191).
- أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر، برقم (5932)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2127).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (2/71).
- انظر: تفسير السعدي (ص: 318).
- القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص: 122).
- أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، برقم (2886).