بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف رحمه في تفسير قوله تعالى:
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ [سورة مريم:34-37].
يقول تعالى لرسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: ذلك الذي قصصناه عليك من خبر عيسى قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ أي: يختلف المبطلون والمحقون ممن آمن به، وكفر به، ولهذا قرأ الأكثرون قول الحق، برفع قول، وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر قولَ الحق، وعن ابن مسعود أنه قرأ: ذلك عيسى بن مريم قال الحق، والرفع أظهر إعراباً، ويشهد له قوله تعالى: الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ [سورة آل عمران:60] ولما ذكر تعالى أنه خلقه عبداً نبياً نزه نفسه المقدسة فقال: مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ أي: عما يقول هؤلاء الجاهلون الظالمون المعتدون علواً كبيراً إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ أي إذا أراد شيئاً، فإنما يأمر به فيصير كما يشاء، كما قال: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ [سورة آل عمران:59، 60].
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقوله -تبارك وتعالى: ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: ذلك أي الذي قصصناه عليك من خبر عيسى -عليه الصلاة والسلام- قول الحق الذي فيه يتمرون، ذلك: أي المتصف بهذه الأوصاف المذكورة، أو ذلك الذي قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ [سورة مريم:30] عيسى ابن مريم، يقول: ولهذا قول الحق الذي فيه يمترون أي يختلف فيه المبطلون والمحقون ممن آمن به وكفر به.
قال: ولهذا قرأ الأكثرون: قولُ الحق برفع قولُ، وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر: قولَ الحق، فهما قراءتان متواترتان، ووجه النصب: قيل: إنه على المدح، أو مصدر مؤكِّد لقوله: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ قولَ الحقِّ، فيكون "قولَ" مصدراً لقال مؤكِّداً له، أي: قال قول الحق.
وأما وجه الرفع فيمكن أن يكون نعتاً لعيسى -عليه الصلاة والسلام، ذلك عيسى، وعيسى مرفوع ونعته يكون مرفوعاً، ذلك عيسى قولُ الحق، وعلى هذه القراءة فالله قال عن عيسى -عليه الصلاة والسلام- أنه قولُ الحق، ونعته بذلك، وفي موضع آخر نعته بأنه كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فهذه كلها نعوت لعيسى -عليه الصلاة والسلام- وهذا القول في توجيه قراءة الرفع.
وبعضهم يقول بأن التقدير: ذلك عيسى ابن مريم هو قولُ الحق، وهذا من أسهل الوجوه في توجيه هذه القراءة، وهو الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله.
وبعضهم يقول: هذا الكلام المذكور هو قولُ الحق، فتكون الإشارة إلى الكلام المذكور، أي: ذلك الكلام هو قولُ الحق، فهو خبر له، ومن حيث المعنى هو وصف للكلام المذكور قبله.
وقول الحق يكون من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة، مثل: الصراط المستقيم، فالمستقيم صفة، ومثل: جناح الذل، هذا من باب إضافة الموصوف إلى الصفة أيضاً، وكذا الكلام في قول الحق، وهذا توجيه هذه القراءات، والله تعالى أعلم.
يقول: وعن ابن مسعود أنه قرأ: (ذلك عيسى ابن مريم قال الحق) والرفع أظهر إعراباً، ويشهد له قوله تعالى: الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ [سورة آل عمران: 60]، فلا تكن من الممترين يحتمل أن يكون كما قال الله ، يمترون من المراء، وهو الجدل والاختلاف والخصومة، ويحتمل أن يكون من المرية وهي الشك، فلا تكن من الممترين: يعني من الشاكين في أمر عيسى -عليه الصلاة والسلام.
قوله: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ على هذه القراءة يقول: أي: ومما أمر به عيسى قومه وهو في مهده أن أخبرهم إذ ذاك أن الله ربه وربهم، وأمرهم بعبادته، قال: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ
القراءة الأخرى المتواترة قراءة أهل المدينة وابن كثير وأبي عمرو: (وأن الله ربي وربكم) بمعنى: ولأن الله ربي وربكم، فعيسى -عليه الصلاة والسلام- خاطبهم فـ: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [سورة مريم:30-33] وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ [سورة مريم:36] من جملة الخطاب الذي خاطبهم به، والقراءة الثانية (وأن الله ربي وربكم فاعبدوه) أي: لأن الله ربي وربكم فاعبدوه، وفرق بين المعنيين ظاهر.
وقوله: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ. أي اختلف أقوال أهل الكتاب في عيسى بعد بيان أمره ووضوح حاله، وأنه عبده ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فصممت طائفة منهم، وهم جمهور اليهود - عليهم لعائن الله - على أنه ولد زنية، وقالوا: كلامه هذا سحر. وقالت طائفة أخرى: إنما تكلم الله.
وقال آخرون: بل هو ابن الله. وقال آخرون: ثالث ثلاثة. وقال آخرون: بل هو عبد الله ورسوله، وهذا هو قول الحق الذي أرشد الله إليه المؤمنين، وقد روي نحو هذا عن عمرو بن ميمون وابن جريج وقتادة وغير واحد من السلف والخلف.
نعم: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [سورة مريم:36]، لما خاطبهم بذلك وقع الاختلاف، فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ، فبعضهم يقول: إن "من" هنا زائدة إعراباً، يعني اختلف الأحزاب بينهم يعني فيما بينهم، اختلفوا في شأن عيسى -عليه الصلاة والسلام، والمقصود بالأحزاب هم الذين أشار إليهم الحافظ ابن كثير -رحمه الله- حيث إن عيسى ﷺ بعث إلى بني إسرائيل، فلما جاء -عليه الصلاة والسلام- وخاطبهم بهذا وهو في المهد انقسموا فيه إلى طوائف.
فطائفة قالوا: ابن زنا، وهم الذين بقوا على اليهودية، وطائفة آمنت به، والذين ألَّهوه، وقالوا: إنه الله أو أنه ابن الله، أو ثالث ثلاثة هذا وقع بعد ذلك، فما حصل هذا الغلو إلا بعد هذا، فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ، الفاء تدل على التعقيب المباشر، وأن المباشرة فيها في كل شيء بحسبه، فوقع الاختلاف بينهم مباشرة بعد ما جاءت مريم به، وسمعوا هذا الصبي يتكلم في المهد، -وهذه آية ومعجزة- ومع ذلك اليهود قالوا فيه ما قالوا، فهذا الاختلاف وقع منذ البداية، لكن بعض هذه الطوائف المختلفة فيه وقع لها مقالة وانحراف بعد ذلك بمدة، يعني الذين ألَّهوه أو غلوا فيه أو نحو ذلك المعروف أنه وقع لهم بعد رفع المسيح -عليه الصلاة والسلام.
وتفرقت أقوالهم في هذا فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ، يقول: أي: اختلف أقوال أهل الكتاب في عيسى بعد بيان أمره ووضوح حاله ويقول: فصممت طائفة منهم، وهم جمهور اليهود عليهم لعائن الله على أنه ولد زنية، وقالوا: كلامه هذا سحر، وقالت طائفة أخرى إنما تكلم الله، وهذه الطائفة يقال لها اليعقوبية، وهي طائفة معروفة عند النصارى، لو قرأتم في كتاب الملل والنحل للشهرستاني ستجدون هذه الطوائف ومعتقداتها، وقال آخرون وهم النسطورية: بل هو ابن الله، وقال آخرون وهم المَلْكية: ثالث ثلاثة، وقال آخرون وهم أهل التوحيد: بل هو عبد الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء لم يكن قولهم هو الذي انتشر وغلب، ولما حصل الاجتماع بين هذه الطوائف لمناقشة شأن المسيح -عليه الصلاة والسلام- في مجمع يقال له: مجمع نيقيا: الذي اعتمد في ذلك هو أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- ثالث ثلاثة، وهذا هو الذي تبناه ملك الرومان لما دخل في النصرانية بعد المسيح بمدة طويلة، وصارت عقيدة النصارى في الغالب هي هذه العقيدة، وبقي أهل الإيمان والتوحيد، يُستضعفون إلى أن بعث الله محمدًا ﷺ فأظهر الله التوحيد، وأذل الله اليهود والنصارى.
على كل حال هذه أقوال الذين اختلفوا فيه كما قال الله : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ [سورة النساء:157]، وهنا قال الله -تبارك وتعالى: ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، إذا فسر "يمترون" بأنه يجادلون، أو فُسر بالمعنى الآخر أي: يقع لهم فيه المرية والشك، كلاهما محتمل.
وعلى كل حال الآية الأخرى: لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ الله يخبر عن مكنونات نفوسهم، وأن النصارى ليس لهم ثقة باعتقادهم، فهم في ريب ومرية وشك، وهذا أمر في غاية الأهمية نحتاج إليه؛ لأن هؤلاء ملؤوا الأرض دعوة إلى باطلهم بكل وسيلة مستطاعة، فيُنَصِّرون المسلمين ويُنَصِّرون غير المسلمين، فمعرفة مثل هذه الأشياء وهذه الأمور الخفية التي يخبر الله عنها هي في غاية الأهمية لمن أراد أن يرد على النصارى ويبين باطلهم.
وقوله: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ تهديد ووعيد شديد لمن كذب على الله وافترى وزعم أن له ولداً، ولكن أنظرهم تعالى إلى يوم القيامة، وأجَّلهم حلماً وثقة بقدرته عليهم، فإنه الذي لا يعجل على من عصاه، كما جاء في الصحيحين إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته[1] ثم قرأ رسول الله ﷺ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [سورة هود: 102].
وفي الصحيحين أيضاً عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم[2] وقد قال الله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [سورة الحج:48].
وقال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [سورة إبراهيم:42]. ولهذا قال ههنا:فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ. أي يوم القيامة.
وقد جاء في الحديث الصحيح المتفق على صحته عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ﷺ: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل[3].
قوله -تبارك وتعالى- هنا: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ قال: أي يوم القيامة، هو لا شك أن اليوم العظيم هو يوم القيامة، وقوله: مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ بعض أهل العلم يقول: أي من شهود يوم عظيم، مشهد بمعنى شهود، وهذا الذي اختاره ابن جرير وطائفة من المعاصرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحم الله الجميع، من شهود يوم القيامة لما يكون فيه من الأهوال والأوجال، وبعضهم يفسره: من مشهد يوم عظيم أي: من مكان الشهود فيه، والأول أقرب من هذا، وبعضهم يفسره بقول أبعد من هذين وهو أن مشهد بمعنى شهادة: من شهادة يوم عظيم، على كل حال الأقرب -والله أعلم- أن المقصود بذلك من مشهد يوم عظيم أي: من شهود يوم عظيم، يعني: حضور، تقول: فلان شهد الوقعة بمعنى حضرها.
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [سورة مريم:38-40].
يقول تعالى مخبراً عن الكفار يوم القيامة: إنهم يكونون أسمع شيء وأبصره، كما قال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا [سورة السجدة:12]، الآية.
أي يقولون ذلك حين لا ينفعهم ولا يجدي عنهم شيئاً، ولو كان هذا قبل معاينة العذاب لكان نافعاً لهم ومنقذاً من عذاب الله، ولهذا قال: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي ما أسمعهم وأبصرهم يَوْمَ يَأْتُونَنَا يعني يوم القيامة لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ أي في الدنيا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ أي لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون، فحيث يطلب منهم الهدى لا يهتدون، ويكونون مطيعين حيث لا ينفعهم ذلك.
أسمع بهم: ينكشف عنهم الغطاء كما قال الله : فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [سورة ق:22]، فهم بعد أن كانوا في الدنيا كما أخبر الله : خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [سورة البقرة:7]، فهم لا يسمعون سماع انتفاع، ولا يبصرون إبصار انتفاع، كما قال الله -تبارك وتعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [سورة الأنفال:23]، فهم بهذه الصفة وبهذه المثابة من الإعراض، وقد ختم الله على هذه القلوب والأسماع والأبصار، يوم القيامة ينجلي ذلك عنهم وتذهب تلك الغشاوة التي على الأبصار، والختم الذي على الأسماع فيرون الحقائق ماثلة شاهدة أمامهم، لا مرية في ذلك، وفي هذا الحين لا ينفعهم هذا الإبصار والسمع، ولذلك الله -تبارك وتعالى- يقول: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا يعني ما أسمعهم وما أبصرهم، كما تقول للإنسان أكرم به يعني ما أكرمه، وأعظم به يعني ما أعظمه وهكذا، والله يقول عن نفسه: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ [سورة الكهف:26] يعني ما أبصره وما أسمعه -تبارك وتعالى.
وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ يقول: أي أنذر أي للخلائق يوم الحسرة إذ قضي الأمر أي فصل بين أهل الجنة، والنار، يوم الحسرة هو يوم القيامة، يتحسر فيه الإنسان المسيء على إساءته، والمحسن على عدم استكثاره من الإحسان، فالإنسان في ذلك اليوم إن كان من أهل الإحسان يتمنى لو أنه ازداد، وإن كان من أهل الإساءة يتمنى لو أنه تاب وارعوى وأقصر عن الذنوب والمعاصي والخطايا، ولهذا سمى الله -تبارك وتعالى- ذلك اليوم يوم الحسرة، كما أنه أيضاً يقال له: يوم التغابن لما يقع فيه من التغابن الشديد بين الناس، فهذا ضيع عمره فيما يورثه مقعداً من النار، وهذا قضى عمره وأنفقه وما أعطاه الله في سبيل أن يرث معقداً في الجنة، فإذا دخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار فإنهم يتوارثون المقاعد فيها أيضاً، فأهل الجنة يرثون مقاعد أهل النار في الجنة والعكس كذلك.
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قضي الأمر: قال: يعني فصل بين أهل الجنة وأهل النار، وصار كلُ إلى ما صار إليه، وهنا يحصل التحسر الحقيقي العظيم لأهل التفريط والكفر والمحادة لله ولرسله عليهم الصلاة والسلام، فحينما يدخل أهل الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ عندئذٍ يذبح الموت بين الجنة والنار، وينادى: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت[4]، وهذا يكون شديد الوقع على النفوس، ويقع بسببه من الاغتمام والتحسر ما لا يقادر قدره، والله المستعان.
روى الإمام أحمد عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت -قال- فيقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت -قال- فيؤمر به فيذبح، قال: ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت[5].
ثم قرأ رسول الله ﷺ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وأشار بيده ثم قال: أهل الدنيا في غفلة الدنيا هكذا رواه الإمام أحمد، وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ولفظهما قريب من ذلك.
وعن عبد الله ابن مسعود في قصة ذكرها، قال: فليس نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار، وهو يوم الحسرة، فيرى أهل النار البيت الذي كان قد أعده الله لهم لو آمنوا، فيقال لهم: لو آمنتم وعملتم صالحاً كان لكم هذا الذي ترونه في الجنة، فتأخذهم الحسرة، قال: ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار، فيقال لهم: لولا أن الله منَّ عليكم.
وقوله: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ يخبر تعالى أنه الخالق المالك المتصرف، وأن الخلق كلهم يهلكون ويبقى هو تعالى وتقدس، ولا أحد يدعي ملكاً ولا تصرفاً، بل هو الوارث لجميع خلقه الباقي بعدهم الحاكم فيهم، فلا تظلم نفس شيئاً ولا جناح بعوضة ولا مثقال ذرة.
روى ابن أبي حاتم عن حزم بن أبي حزم القطعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن صاحب الكوفة: أما بعد، فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت، فجعل مصيرهم إليه، وقال فيما أنزل في كتابه الصادق الذي حفظه بعلمه وأشهد ملائكته على حفظه: إنه يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا [سورة مريم:41-45].
يقول تعالى لنبيه محمد ﷺ: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ واتل على قومك هؤلاء الذين يعبدون الأصنام، واذكر لهم ما كان من خبر إبراهيم خليل الرحمن، الذين هم من ذريته ويدَّعون أنهم على ملته، وقد كان صديقاً نبياً مع أبيه، كيف نهاه عن عبادة الأصنام، فقال: يَأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً أي: لا ينفعك ولا يدفع عنك ضرراً.
قوله -تبارك وتعالى- هنا: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ، الواو عاطفة فهذا معطوفٌ، -والله تعالى أعلم- على ما قبله، وهو قوله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، أنذرهم يوم الحسرة، واذكر في الكتاب إبراهيم، يعني واتل على قومك هؤلاء نبأ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كما قال الله -تبارك وتعالى- في الآية الأخرى:وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ [سورة الشعراء:69] فهو مفسر به، إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا، هذه صفة لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وهي معترضة والتقدير: واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه: يا أبت، هذا هو المتلو، لكن هذا من وصف إبراهيم ﷺ، إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا و"إنَّ" هذه تدل على التوكيد، كما أنها تدل أيضاً على التعليل، كأنه يقول: واتل عليهم نبأ إبراهيم؛ لأنه كان صديقاً نبياً، تتلو عليهم خبره، إذ قال لأبيه، هذا هو خبر إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وهو ما وقع له مع أبيه ومع قومه.
وقوله: إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا هذه صيغة مبالغة، فهي تدل على كمال الصدق والتصديق، فالصدِّيقية منزلة عالية لمن كمل صدقهم وتصديقهم، وأبو بكر يلقب بالصدِّيق لهذا، والله قال عن مريم: وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ [سورة المائدة:75]، ويقول: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [سورة النساء:69]، فإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كان متصفاً بذلك مع ربه -تبارك وتعالى، فالله ابتلاه وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [سورة البقرة:124]، فهذا من تصديقه مع ربه ، ولما أمره بذبح ولده ووحيده صدَّق ذلك، فكما قص الله خبره أنه سلم لله -تبارك وتعالى- وقال لابنه: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [سورة الصافات:102]، وهذا لا شك أنه كما وصفه الله بلاء مبين، وهكذا -عليه الصلاة والسلام- حينما نابذ قومه وترك الأهل والوطن والعشيرة، والهجرة في سبيل الله هي من أجلى وأعلى صور الولاء والبراء من المشركين بالهجرة عنهم ومفارقة الأوطان، فترك أهله ووطنه وعشيرته لله وفي الله، هذا من كمال تصديقه مع ربه .
إضافة إلى كماله صدقه، ولهذا قال النبي ﷺ: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات[6]، وهذا فسره أهل العلم، وقالوا: بأن ذلك كله على سبيل التعريض والتورية، وعلى كل حال فمن كمل في الصدق مع الله وفي كمال الإيمان ونحو ذلك وكان أيضاً صادق اللهجة كما فسره بعض السلف، صادقاً في القول في كلامه، وخبره وإخباره، فهذا يقال له صديق.
أبو بكر ما ذكر له أن النبي ﷺ قال شيئا إلا قال: صدق، وفي قصة المعراج لما جاؤوا إليه فقال: إن كان قال فقد صدق، فلقب بالصديق؛ لكثرة تصديقه للنبي ﷺ بالإضافة أيضاً إلى صدقه في القول، وجاء في صفته: أنه ما زاد عليهم بفضل صلاة ولا صيام وإنما بشيء وقر في قلبه، ولهذا أخبر النبي ﷺ أنه وزن بالأمة غير النبي -عليه الصلاة والسلام- فرجح أبو بكر -، فهذا معنى الصديق الكامل في التصديق، والكامل في الصدق.
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ يقول: وإن كنت من صلبك وتراني أصغر منك لأني ولدك، فاعلم أني قد أُطْلعت من العلم من الله على ما لم تعلمه أنت، ولا أُطْلعتَ عليه ولا جاءك فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا أي: طريقاً مستقيماً موصلاً إلى نيل المطلوب، والنجاة من المرهوب يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ. أي لا تطعه في عبادتك هذه الأصنام، فإنه هو الداعي إلى ذلك والراضي به، كما قال تعالى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [سورة يس:60]. وقال: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا [سورة النساء:117].
وقوله: إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا أي مخالفاً مستكبراً عن طاعة ربه، فطرده وأبعده، فلا تتبعه تصر مثله، يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن أي على شركك وعصيانك لما آمرك به فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا يعني فلا يكون لك مولى ولا ناصراً ولا مغيثاً إلا إبليس، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء، بل اتباعك له موجب لإحاطة العذاب بك، كما قال تعالى: تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة النحل:63].
في قوله -تبارك وتعالى- عن قيل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن إني أخاف: الخوف يأتي بمعنى العلم، ويأتي بمعنى توقع المكروه من غير جزم، يقول الإنسان: أخاف أن يحصل كذا، أخاف على فلان ونحو هذا، فهو بمعنى توقع المكروه، ومن إطلاقه بمعنى العلم قول أبي محجن الثقفي في قصته المعروفة وكان يشرب الخمر وكان مما يقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة | تروي عظامي في الممات عروقها |
ولا تدفنني في الفلاة فإنني | أخاف إذا ما مت ألا أذوقها |
كرمة -يعني شجرة عنب
يقول: أخاف إذا ما مت ألا أذوقها، فهو يعلم يقينا أنه إذا مات لن يشرب الخمر، فهذا بمعنى العلم، فهنا من أهل العلم من فسره بهذا، قال: يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن، فهو متيقن، ويعلم أنه إذا مات على الكفر، فإنه سيقع له ذلك لا محالة، فقالوا: إن قوله: أخاف، بمعنى العلم، وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله، إني أخاف أي: أعلم.
وبعض أهل العلم فسره بالخوف بمعنى توقع المكروه، وهل كان إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لا يوقن أنه إذا مات أنه سيناله العذاب؟ قالوا بأنه قال ذلك؛ لأنه لا يدري بماذا يختم له، فكان يرجو إيمانه، ولهذا قال له فيما بعد: سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي [سورة مريم:47]، وعده بالاستغفار، والله يقول: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ [سورة التوبة:114]، فهذه هي الموعدة فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ أي: يموت على الكفر تَبَرَّأَ مِنْهُ وقد تحقق دعاؤه لأبيه هذا الذي وعد به حينما قال: سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي فقال: وَاغْفِرْ لِأَبِي [سورة الشعراء:86]، فهذا دعاء متحقق من إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بناء على هذا الوعد، وتعليله أنه كان يرجو إيمانه ولكن لما تبين له ذلك تبرأ منه.
فالذين فسروه بهذا التفسير: إني أخاف بمعنى توقع المكروه، قالوا بهذا الاعتبار أنه ما كان يعلم بماذا يختم له، فلما علم ذلك تبرأ منه.
وقوله -تبارك وتعالى: فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا، يقول: يعني فلا يكون لك مولى ولا ناصر ولا مغيث إلا إبليس، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء، بعض أهل العلم يقول: أي: تابعاً، وبعضهم يقول: بمعنى أنك تكون قريباً منه في المآل والنتيجة والعاقبة وهي دخول النار، وبعضهم يقول: أي: تلقى نفس المصير حيث تشترك معهم في العذاب واللعن والطرد والإبعاد من رحمة الله -تبارك وتعالى- ودخول النار، والله تعالى أعلم.
- رواه البخاري، كتاب التفسير، سورة هود (4/1726) برقم: (4409).
- رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الصبر على الأذى (5/2262) برقم: (5748) ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لا أحد أصبر على أذى من الله (4/2160) برقم: (2804).
- رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم... (3/1267) برقم: (3252) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا (1/57) برقم: (28).
- صحيح البخاري كتاب التفسير، باب وأنذرهم يوم الحسرة (4/1760) برقم: (4453)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (4/2188) برقم: (2849).
- مسند أحمد بن حنبل برقم: (11066)، وقال محققوه شعيب الأرناؤوط وآخرون: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
- صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا [النساء:125] (3/1225) برقم: (3179).